كانت تجلس لجوار مرقدى وانا صغيرة فى السادسة من عمرى .. تحكى لى حكاياتها المسلية التى افرح بها كثيرا وانام سعيدة على انغام صوتها الحنون لارى فى نومى أجمل مما ياره الملائكة الصغار جميعا فى نومهم ..
جدتى اعتادت ذلك منذ ان ولدت .. فقد كنت انا أولى حفيداتها .. كنت اشعر احيانا وكانها تعود معى صبية صغيرة .. كانت تحكى لى فى كل يوم حكايـــة جديدة .. لكن هذا اليوم كان مختلفاً ام يكن كما اعتدت عليه ..فوجدتها تقول ..
" كثيراً ما نخطأ ولكننا سنصيب يوماً ما .. احيانا نفرح واوقات تلاحقنا الاحزان .. فهذه هى الحيـــاة دوما وهكذا نعيش فيها لكن دوما يبقى لنا رب كريم ندعوه " ... لم افهم كلامها فطلبت منها تفسيرا ، فابتسمت ثم مسحت على رأسى وقالت " مازلت صغيرة يا حبيبتى " ثم انصرفت ....
اخذت افكر فى معنى ذلك كثيرا ولما ارهقنى التفكير غرقت فى نوم عميق كالعادة وانا لا ادرى ما القصد من وراء كلماتها تلك .. حقـــاً كنت صغيرة فكيف لى ان افهم وانا اقصى من تعاملت معهم فى حياتى التى تعد اعوامها على اصابع اليد هم دميتى وعرائسى الصغيرة .. لكن الصغير ياتى عليه يوما ليصبح كهلا .. او حتى ليصبح شابا اصابه القدر بسهامه فاحترقت راسه شيبا ....
وتمر الايام لتكبر الصغيرة .. تفرح احيانا وتحزن احيانا وتسعد اوقاتا .. لكنه القدر دوما يلعب معى العابه المفاجئة التى لم تكن لتخطر لى ببال – ففى يومى هذا – حقــا من اصعب ايام حياتى ولا اود ان اتذكره مطلقا لكن هيهـــــــــات – سمعت كلمات اخرى لكن كان وقعها على وقع الصاعقة – كانت كلمات طبيبى – لم يكن ليدرى من اين يبدأ ولا كيف يخبرنى بذلك الى ان استجمع قواه وقالها .. اخبرنى بان القدر قد اراد ان تنتهى حياتى عند هذا الحد .. نعم فكيف لمن ابتلاه الله بمرض كهذا ان يكتب له حيـــاة جديدة بعدها .. انه السرطان .. عفاكم الله منه جميعـــاً ..اول مابدر لذهنى هى ابنتى فمازالت صغيرة وامازالت بحاجة الىّ .. لكن ما بيدى من الامر شئ .. نعم للاسف استسلمت للمرض وخضعت لوهنى وبعت ارادتى لاشترى قيداً يرطنى بسرير فى مستشفى اتلقى بها العلاج لاجل طال ام قصر لكن حتما سينتهى كل شئ .. فانا اعلم ان العلاج لا جدوى منه فالامر قد انتهى ... او اننى بنفسى قد قررت ان تنتهى حياتى عند هذا الحد ..
وبينما انا وشيطانى وحيدينى فى غرفتى .. يصور لى وساوسه واستمع اليه ، يصور لى جرم هوته نفسى .. يدفعنى الى الانتحار .. واذا بيد تمتد تفسد عليه خطته .. يد صغيرة تمتد لتفتح الباب علينا .. انها يد ابنتى .. جاءتنى باسمة متهللة تقول " امى .. اشتقت اليكِ كثيرا احبك كثيرا يا امى " حين سمعت كلماتها الرقيقة تلك ندمت كثير على ماكنت ساقدم عليه .. فكبف كنت سأحرم تلك الملاك من امها التى التى تهواها وتشتاق اليها هكــــذا .. كيف اكون انا والاقدار ضدها .. كيف اكتب على قلبها ان يعرف الحزن صغيراً هكذا .. رايتها فتذكرت كلمات جدتى .. فكانت تسمعنى لكامتها وانا فى مثل تلك السن .. اخذ صوت جدتى يتردد فى اذنى " كثيرا مانخطأ لكننا سنصيب يوما ما احيانا نفرح واوقات تلاحقنا الاحزان .. الاحزان .. فهذه هى الحيـــاة دوما وهكذا نعيش فيها لكن دوما يبقى لنا رب كريم ندعوه " فاحتضنت ابنتى واخذت ابكى .. حتى كاد البكاء ان يذهب بعينى لكنه قد طهر عقلى وقلبى من وساوس صورتها لى نفسى وشيطانى .. من بعدها اخذت ابحث عن كل امل فى الحيــــــاة فمازال لى ابنه احيا لاجلهــا ومازالت ابتسامتها تبعث في املا فى الحياة .. ودمات كلمة امى تعيد فى نفسى زهورها فهى بالدنيا وما فيها .. انها الكلمــــة التى تستحق منى ان احيا لاسمعها دوماً ...
اخذت اتناول علاجى واتذكر ابنى وكلمات جدتى .. وكانها الكلمات السحرية التى بثت الحياة فى دواء مميت .. يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه هاقد كتب لى الله حيــاة جديدة وقدر لى الشفاء ، فاليوم لا مرض ولا وياء ولا هذا الخبيث اللعين .. اليوم هو اسعد ايام حياتى .. يوم زفاف ابنتى .. كيف كان لغبائى ووهنى يوما ما ان يحرمنى من لحظة كتلك .. كيف كنت لاحرم ابنتى من كونى بجانبها فى يوم كهذا .. كيف كنت ساكتب عليها اليتم والحزن صغيرة وماحييت ابدا .. كيف .. وكيف .. وكيف .. وكيف .. ...... لا املك سوى ان دوما ابتسم لاتذكر جدتى وكلماتها .. فالان فقط ادركت ماذا كانت تعنى بكلماتها تلك.. علمت كيف اخطات حين ظننت ان العمر قد آن لينتهى هكذا مبكراً وكيف اننى اصبت يوما حين عاد لى الامل مجددا .. وكيف احيانا نفرح واحيانا تلاحقنا الاحزان ... يـــــــــــــــــاه حقـا كنت صغيرة وها انا ذى اصبحت كهلا عجوزا اروى لحفيدتى الحكاية نفسها التى روتها جدتى .. نعم اتمنى الا تواجه ما واجهته انا من صعاب ووهن واحزان ... لكن هكذا الحياة دائما وهكذا سنعيشها الى الابــــد .....
حفيدتى الجميلة ...
اتمنى من الله ان يسعدك دوما وان يقدر لك الخير حيث كان وان يبعد عنك شيطان نفسك وييسر لك الحيـــــاة ويزرع فى قلبك الامل والايمـــان به دوما ودائما .. اليك وصيتى كما اوصتنى جدتى – رحمها الله وجمعنى بها فى جنته ان شاء الله - اليك الكلمات نفسها .. ضعيها دوما نصب عينيكى تعينك على الحيـــــاة وتبث فى روحك املا .. لتتذكرينى يوما ما ويدعين لى بالرحمة لاننا منحتك من الكلمات الاغنى من كنوز العالم وزخيرته ..
" كثيراً ما نخطأ ولكننا سنصيب يوماً ما .. احيانا نفرح واوقات تلاحقنا الاحزان .. فهذه هى الحيـــاة دوما وهكذا نعيش فيها لكن دوما يبقى لنا رب كريم ندعوه " ...
الى اللقــــــــــــــــــاء يا عزيزتى
By : Dr Rose ^_^
My best wishes
♥ ♥ ♥ ♥
1 التعليقات:
هذه القصة اهداء الى جدتى رحمها الله وجمعنى بها فى جنته ان شاء الله
إرسال تعليق